اندلعت الثورة السورية المغدورة نتيجة الانفجار الشعبي العفوي ضد الاستبداد ، خصوصا بعد تلاقي الحراك الشبابي الوطني الثوري من خلال الاحتجاجات والتظاهرات السلمية مع انتقال قسم كبير من منتسبي الجيش من الجنود ، والضباط الى صفوف الشعب ، ولم يلبث ان – تسللت – أحزاب ، ومجموعات غالبيتها إسلامية سياسية ، وسيطرت على مقاليد أمور الثورة ومن ثم المعارضة حتى اجهاضها تماما ، ، هذه المكونات التنظيمية ، الحزبية الأيديولوجية وحتى بعض الافراد الذين تولوا المسؤوليات لم يظهروا عن طريق الانتخاب ، والجميع كانوا يفتقرون الشرعية الشعبية ، ويعتقد ان ذلك كان السبب الرئيسي في تصفية الثورة ، وانحراف المعارضة منذ المجلس الوطني السوري وانتهاء بالائتلاف ، الذي لم يكن له أي دور في اسقاط النظام في الثامن من ديسمبر .
( المجلس الوطني الكردي ) وكذلك ( حزب الاتحاد الديموقراطي ) وهما طرفا الاستقطاب منذ نحو عقد من الزمن ويتصدران المشهد ، ويدعيان التمثيل ، الأول : صحيح ان احزابها جزء من ميراث الحركة الكردية السورية ، ولكنها تفتقر الى الشرعية القومية ، وحتى قبل الثورة بنحو عقد وعندما انتفضت الجماهير الكردية عام ٢٠٠٤ ، ظهر عجز الأحزاب ، وفشلها في قيادة الجماهير ، وبالتالي سبقتها الجماهير في انجاز المهام القومية والوطنية ، ولم تكن سباقة في المشاركة بالثورة السورية بل ان تنسيقيات الشباب هي من قادت الجماهير في جميع المدن والبلدات الكردية ، وفي كثير من الأحيان وقفت في صف النظام ضد الشباب ثم التحقت بعد ان وجدت في المعارضة مصدرا ماليا ، ووجاهة .
اما الثاني فهو حزب عسكريتاري ، خرج من رحم – ب ك ك – في قنديل ، ولم ينشا ، ويترعرع ضمن صفوف المجتمع الكردي السوري ، ولم يكن امتدادا للحركة الكردية السورية التاريخية ، وظهر خصوصا بعد اندلاع الثورة نتيجة تفاهمات مع النظام ، ثم فرض سيطرته بقوة السلاح ، وليس عبر التخويل الشعبي الحر .
في الأسبوع الأخير نسمع الكثير من الاقاويل ، والفوضى – الكلامية – واللغط في تفسير الأمور ، وحتى التضليل الإعلامي من جانب هذه الأحزاب ، وكذلك من جانب بعض الفضائيات الخليجية ، من قبيل : ان أحزاب هذا الطرف او ذاك هي المرشحة لتمثيل الكرد السوريين في العهد الجديد ! او ان أحزاب الطرفين يمثلان الإرادة الكردية ، او ان الشخص الفلاني هو اللائق شكلا لتمثيل الكرد ! او ان دول أوروبية وامريكا بصدد تشكيل وفد من الطرفين ، وهي مجرد اقاويل ، وتسريبات – مخابراتية - .
نعم هناك افراد في كل مكان لديهم قابلية الكلام ، وهناك من يعرف قضيته ، وهناك اختصاصييون كرد في كافة المجالات ، ولكن لدينا نحن الكرد السورييون مشكلة اسمها – شرعية التمثيل – فلو استطعنا حل هذه المشكلة لاصبح ممثلو شعبنا الحقيقييون في متناول اليد ، ولن يتحقق ذلك الا بعقد المؤتمر الكردي السوري الجامع من دون استبعاد طرف ، او حزب ، او مستقل او منظمات المجتمع المدني ، وعقده لا يحتاج الى مدة طويلة ، وحتى لو اخذ الوقت شهورا فلن يتجاوز شهر مارس من العام القادم .
حراك " بزاف " ينتظر موقف أحزاب الطرفين خلال اليومين القادمين ، من مقترح المؤتمر الذي يحمله مبعوثه الى القامشلي ، وبعد ذلك سنطلع جماهير الكرد وكذلك الجمهور الوطني السوري على النتائج .
Comments