طوال مراحل ظهور الحركة القومية الكردية السورية منذ تقسيمات سايكس – بيكو كانت مساعي تعريفها وبنائها التنظيمي ووضع برنامجها المناسب وتحديد استراتيجتها الوطنية وايجاد الموقع اللائق لها في الحياة السياسية وتطوير العامل الذاتي والتأثير الايجابي على العوامل الموضوعية الشغل الشاغل للنخب المتنورة والفئات الاجتماعية الأكثر تقدما في المجتمع الكردي بدءا من البناة في الرعيل الأول في مرحلتها التأسيسية ومرورا بالمثقفين الوطنيين الملتزمين بالمبادىء التقدمية المندفعين نحو انجاز التحول الفكري العميق في أواسط الستينات وانتهاء بالحراك الشبابي والوطنيين المستقلين ونشطاء المجتمع المدني في المرحلة الراهنة منذ اندلاع الثورة السورية الذين وضعوا على رأس مهامهم اعادة بناء حركتهم من جديد.
تشخيص جوانب أزمة الحركة الوطنية الكردية السورية أمر لابد منه بل هو الخطوة الأولى الأساسية الواجبة اتخاذها خاصة في مجال تحديد أسبابها المتعلقة بالعامل الذاتي منها مثل القيادة والبرنامج والقاعدة التنظيمية والمواقف السياسية وآليات العمل أو العوامل الموضوعية المحيطة الداخلية منها والخارجية الوطنية والقومية الاقليمية والدولية ومعالجة مكامن الخلل فيها والبناء عليها في تحديد المسارين القومي والوطني المتكاملين المتوازنين .
ان عملية التصدي لحقائق الأزمة والكشف عنها والمطالبة بازالتها من جهة تخطئة الأداء الحزبي العام والتأكيد على اخفاقه بعد أن ألحق الأذى بالقضيتين القومية والوطنية مهمة وطنية وأخلاقية ان كان من جانب مجلس جماعات – ب ك ك – وفرعها – ب ي د – الذين – دخلوا على الخط – حديثا منذ اندلاع الانتفاضة السورية من مدخل نظام الأسد وحليفه الايراني وأرادوا رهن القضية الكردية السورية بمحور الممانعة وعزلها عن محيطها الطبيعي العضوي وهو الحركة الثورية الديموقراطية السورية اضافة الى فرض سلطة الأمر الواقع الدكتاتورية المستندة الى عقلية الموالاة لآيديوليجية الحزب الأم ورفض والغاء المختلف أحزابا وتنظيمات وأفرادا .
أم من جهة الكشف عن فشل قيادات أحزاب المجلس الوطني الكردي طوال ستة أعوام الذي أقيم على نفس العقلية الحزبية السابقة من جانب من تسببوا بالأزمة والانقسامات وتواصلوا مع نظام الأسد سرا وعلانية ولم يحققوا أية اصلاحات داخلية ولم يجددوا لاالقيادات ولا البرامج ولا السياسات ولم يمارسوا أية مراجعة أمام الجماهير الكردية ولاحتى أمام الأنصار في وقت كانت أحزابهم بأمس الحاجة اليها وضربوا عرض الحائط بأهم حقيقة أفرزتها ثورات الربيع وهي دور الشباب والمستقلين والمرأة حيث عمدوا الى اقصائهم بشتى السبل والوسائل .
عندما تتم المصارحة تجاه حقيقة قيادات تلك الجماعات والأحزاب والكشف عن خطاياها فانها تنم عن الحرص الشديد على قضايا الحركة الوطنية الكردية ومستقبلها وتطورها وترمي الى بناء جديد لايحمل الأخطاء والمساوىء السابقة ولايكرر المشهد المظلم مرة أخرى وهي ليست مسالة شخصية أو جانبية أو رد فعل عابر أو سلوك انتقامي ضد هذا الطرف أوذاك انها فعل مسؤول يبحث عن توفير شروط بناء الشخصية الوطنية الكردية السورية المستقلة الخاضعة طبعا لقوانين ومعادلات البعدين القومي الكردي والوطني السورية انها عمل جاد هادف في حركة التاريخ التي لاتتوقف نحو الأفضل والأصح .
وعندما يوضع البرنامج السياسي المستقبلي بشقيه القومي والوطني على بساط البحث والنقاش وأمام لقاءات التشاور والاجتهاد حسب التقاليد الديموقراطية في مختلف ساحات الوطن والشتات والمهاجر والتي تضم الجميع حتى أعضاء الأحزاب ومناصريها وأمام الأصدقاء والأشقاء فان ذلك يعني أن الأمر بغاية الجدية يتوقف عليه مصير شعب وقضية ومستقبل جيل كامل فالمسار المتبع الآن بهدف اعادة البناء سيستمر لأنه نابع من ارادة الغالبية وفي القلب منها الجيل الشبابي الناشيء من النساء والرجال والوطنييون المستقلون وهم بمجموعهم يشكلون الكتلة التاريخية ولن يتوقف هذا المسار الابعد تحقيق مايصبو اليه .
مشروع اعادة البناء – بزاف – هو الكفيل باعادة اللحمة بين كل الوطنيين وازالة الانقسام بين صفوف الشعب الذي زرعته القيادات الحزبية خدمة لمصالحها الضيقة وتوحيد الصفوف والجهود حول الهدف الرئيسي وهو اعادة بناء الحركة الوطنية الكردية السورية على أسس سليمة وبرنامج نضالي يتضمن مطامح الكرد في تحقيق حقوقهم المشروعة بحسب ارادتهم وبالتوافق مع الشريك العربي وسائر المكونات في سوريا ديموقراطية تعددية جديدة ودستور عصري يضمن حقوق الجميع ويؤسس لنظام وطني تشاركي عادل يستند الى الارادة الشعبية الحرة .
مشروع – بزاف – بمضمونه وتطلعاته ونهجه الأساسي هو الكفيل باعادة رسم العلاقات المفيدة والمنتجة مع العمق الكردستاني في الشرق والشمال على قاعدة الأخوة والاحترام المتبادل والتنسيق والتعاون والعمل المشترك وخصوصا مع اقليم كردستان العراق كموقع قومي متقدم تحظى قيادته باحترام شعبنا منذ عهد القائد الراحل مصطفى بارزاني الذي أصبح جزءا أصيلا من تاريخ حركتنا يسكن وعيه ماضيا وحاضرا .
مهام اعادة بناء الحركة الوطنية الكردية السورية تقع على عاتق كل الوطنيين بمختلف أطيافهم وتياراتهم السياسية وشعبنا بأمس الحاجة دائما وخاصة في هذه المرحلة البالغة الخطورة الى وحدة الصف والارادة ومن يمثل طموحاته ويدافع عنها ويحملها ولن يتحقق ذلك الا باعادة بناء حركتنا من جديد عبر القنوات الشرعية ومن بينها ” المؤتمر القومي – الوطني الكردي السوري ” الجامع لكل الطاقات ومن مختلف الطبقات والفئات والتيارات والذي سيكون خاتمة الخطوات الجارية منذ حين من جانب حاملي المشروع في مختلف ساحات الوطن والشتات .
قراءة في مسار مهام اعادة البناء
صلاح بدرالدين
Kommentare