top of page
صورة الكاتبأ. صلاح بدرالدين

فليكن – 2022 – عام المؤتمر الكردي السوري


ماقبل العام الجديد


معلوم لكل ذي بصيرة ، ان سنوات العقد الأخير كانت وبالا على السوريين ، تعرضوا فيها الى الإبادة ، والتدمير ، والتهجير ، وأخطر فصولها كان ضرب ثورتهم ، بعد حرفها عن أهدافها ، ثم شرذمة ، وتحجيم حركة المعارضة ، واستثمارها من جانب الأطراف المانحة ، في صراعات الأنظمة الإقليمية ، والدولية ، وفقدان الامل الى درجة الإحباط ، من احتمال حصول مراجعات نقدية ، واتخاذ الدروس ، والعبر لاعادة تنظيم الصفوف ، وصولا الى واقع تحويل البلاد برمتها الى ساحة يتقاسم فيها النظام ، والأطراف المحتلة مناطق نفوذ ، وهي عبارة عن تشكيلة متناقضة ، عجيبة من قوىى عظمى ، وكبرى ، وصغرى ، من اعضاء مجلس الامن ، وحلف الناتو ، ومحور الممانعة ، وميليشيات دينية ، ومذهبية ، وعنصرية ، مع دور اسرائلي بارز .


دروس ، وعبر


من جملة الدروس المستقاة ، ونحن نغادر العام المنصرم الذي كان الأسوأ في تاريخ السوريين عموما ، وعلى اعتاب العام الجديد الذي قد نتأمل منه خيرا ، هي آولا - الارتداد المدوي للأحزاب ، والجماعات ، والمنظمات السياسية التقليدية ، والعسكرية السورية ( عربية ، وكردية ، وتركمانية ، ومسيحية ) ، التي تصدرت صفوف المعارضة منذ اكثر من عشرة أعوام ، بدء من ( المجلس الوطني السوري ) وانتهاء. – بالائتلاف - وخلافهما ، الذي وبمجمله انقض عليه - الإسلام السياسي – ليس بالطرق الديموقراطية والاقناع ، ولكن من خلال العوامل الخارجية ، وبوسائل العصا والجزرة ، وسار في ركابها بعض الأحزاب ، والافراد ، من قومية ، ويسارية ، وليبرالية ، وكذلك الوافدون الجدد من صلب النظام ، لقاء مصالح ذاتية خاصة ، جميع هذه الهياكل ، والكتل ، والتيارات ، والمنصات ، تتحمل منفردة ، ومجتمعة المسؤولية الكاملة امام الشعب السوري ، في وأد الثورة ، وتحريف ، وتشتيت المعارضة ، خصوصا وانها تهربت من اجراء اية مراجعة ، وتخلت عن كل الوعود ، والالتزامات المبدئية ، والأخلاقية .


في الساحة الكردية


على صعيد الساحة الكردية التي تتشابه عموما مع الحالة الوطنية العامة ، فقد شهد العام المنصرم إشارات الانهيار النهائي للحزب الكردي السوري النمطي ،وعدم فاعليته ، وانكشف لدى معظم الأوساط الشعبية زيف ادعاءات أحزاب طرفي الاستقطاب بتمثيل الكرد داخليا ، وفي المحافل الدولية ، والتعبير عن أهدافهم ، وطموحاتهم ، او القدرة في حل قضيتهم ، وهي عاجزة حتى عن تحقيق الحدود الأدنى من التفاهم فيما بينها ، فكيف بها من توحيد الحركة الكردية المفككة ، وتوحيد الصف الكردي .


ومن جملة ماسقط عنها القناع ( وكشواهد فقط ) ادعاءات مسؤولي تلك الأحزاب ، ومن طرفي الصراع أن الروس طلبوا من جماعات ب ك ك التوسط بينهم وبين النظام ، في حين يصرح وزير خارجية روسيا قبل عدة أيام : " وذكّر لافروف بأن الأكراد. ( الاتحاد الديموقراطي ، ومجلس سوريا الديموقراطية ) . ، عندما أعلن. الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أنه ينوي سحب القوات بالكامل من سوريا، طلبوا مساعدة روسيا لإطلاق حوار مع حكومة النظام السوري، إلا أن اهتمامهم بهذا الحوار اختفى بعد عدة أيام، إذ صرحت وزارة الدفاع الأمريكية. : البنتاغون) بأن عسكرييها باقون في سوريا " ، وكذلك المقولة المكررة من جانب – الانكسي – ( أن الامريكيين ، والفرنسيين يضغطون علينا من اجل الاتفاق مع جماعات ب ك ك ، والتوسط بيننا ) ، في حين لم نسمع شيئا من هذا رسميا من الدولتين الكبريين ، خاصة ان ارادا امرا فلابد ان يكون .


جماعات – ب ك ك – بكل مسمياتها السورية المعروفة للجميع ، والتي نعتبرها جزء لايتجزء من مركز – قنديل – تنظيميا ، وآيديولوجيا ، وعسكريا ، وتربية ، وسلوكا ، وعقيدة ، وقرارا سياسيا ، والتي تسخر علاقاتها الامريكية ، والروسية ، وكل وارداتها المالية من النفط ، والغاز ، والجمارك ، وماتتلقاه من دعم مادي ، وتسليحي من الامريكان ، لمصلحة مركز الحزب الام في – قنديل – على حساب حرمان أهل مناطق نفوذها وخصوصا الكرد .


هذه الجماعات التي تعيش على التضليل السياسي ، واخفاء الحقائق ، وتقمص الأدوار الافتراضية من دون أساس ، وعلى سبيل المثال تلبس لبوس القومية ان اقتضت مصالحها الحزبية ، وتكفر بالمبادئ القومية بحسب طلبات الاخرين ، وتتحول اممية حسب المجالس ، وتعود مرة أخرى للنفخ بقربة – الامة الديموقراطية – المثقوبة ، وآخر تقليعاتها الغريبة تقمص دور الثورة السورية ، والمناداة بوحدة القوى الوطنية السورية عبر المؤتمرات ، وكانها لم تكن يوما الى جانب النظام ، وفي مواجهة الثورة السورية ، والمعارضة ، فهل هناك في أي مكان مثل هذا التلون السياسي ، والانحطاط القيمي؟ .


لايهمنا كثيرا تلون ،وتصرفات ، وتدخلات الامريكي ،والروسي ، والايراني ،والعراقي ، في استخدام هذه الجماعات ، والتعامل معها بانتهازية ، فهم محتلون يستغلون كل شيء من اجل مصالحهم ، ولكن نقول للسوري المحسوب على المعارضة الذي يتعامل مع هذه الجماعات وواعتبارها تمثل الكرد السورييبن ، ويشارك مؤتمراتها ، انكم جميعا تلحقون الضرر البالغ بالكرد السوريين عن سابق تصميم وإصرار ، فهذه الجماعات ليست منتمية الى الحركة الكردية السورية التاريخية ، وتخدم اجندات خارجية ، نعم تجد في صفوفها وطنيين كرد سوريين كافراد ،ومجموعات ولكنهم مغلوبون على امرهم ، ومسيرون .


أحزاب – الانكسي – بهزالتها ، وضعفها ، وتخبصاتها الفكرية ، والسياسية ، وفسادها الداخلي ، وركوضها وراء المال السياسي ، لم تتمكن من سلوك النهج المستقل السليم ، وخسرت العمق الجماهيري ، وكذلك جمهور الوطنيين المستقلين ، بل فقدت احترامها حتى في وسط الوطنيين السوريين .


تسأل أي وطني كردي سوري في الداخل ، والخارج عن أحزاب طرفي الاستقطاب فيأتيك الجواب كالتالي : كل تلك الأحزاب من طينة واحدة ، تفضل المنهج الحزبي على نهج الكردايتي ، وليست صادقة لامع نفسها ، ولامع شعبها ، وهي سبب الفتن، والمواجهات ، والانقسامات في صفوف الكرد ، وسبب الهجرة والتهجير ، وافراغ المناطق ، وهي المحرك للانقسامات الكردستانية ، وهي من تستحضر الاحتلالات ، والسبب في احتلال عفرين والمناطق الأخرى ، وهي من تغلق جسور التواصل بين الكرد وآخرها جسر – سييمالكا - ، وان لاحل للقضية الكردية السورية في ظل تلك الأحزاب ، حيث أصبحت رمزا للارتداد ، وعنوانا للهزائم ، ومصدرا أساسيا لازمة الحركة الكردية السورية .


لقد تحولت مراكز القرار في هذه الأحزاب الى مرتع خصب لتفاعل الوصوليين، فلاتجد بين قيادييها مفكرا مستقلا غير متحزب ، أو منظرا مختصا ، خاصة وان الفكر القومي ، والكردي على وجه الخصوص بسبب التعقيدات المحيطة ، احوج مايكون الى التقييم ، والتمحيص ، والدراسة العلمية ، وإعادة النظر ، كما لاتجد في صفوف قياداتها المتنفذة نصيرا للحوار ، او محبا للنقاش ، او متقبلا للنقد ، بل ترى معظمهم في ابراجهم العاجية ، منعزلون عن المحيط ، يثيرون الفتن ، ينشغلون بالتكتلات ، ويعادون أي وطني مستقل يقول كلمة الحق ، بل يامرون رفاقهم بعدم متابعة قراءة مايكتب فلان من الناس ، او التعاطي مع الآخر المختلف ، اما القلة من عقلاء القوم فلاحول لهم ولاحيلة ، ينفذون الأوامر فحسب .


كما أصبحت هذه الأحزاب مقصدا ماليا لكل مثقف ، او اعلامي على استعداد لخدمة قياداتها ولو على باطل ، وبذلك تشجع قياداتها الروح الانتهازية ، ونشر الفساد ، وممارسة الافساد ، كما ان الوسائل المتبعة لدى ( ب ي د و الانكسي ) الإدارية منها ، والمالية بشأن الامتيازات لكل حزب اوجماعة ينضم اليهما ، قد شجعت الكثيرين للشق عن احزابهم ، او تشكيل حزب جديد للحصول على تلك الامتيازات وقد ساهمت تلك الوسائل في تفشي الانتهازية ، والوصولية ، وظاهرة السكوت عن الأخطاء ، والمضي مع التيار ، فالانتماء لاي من أحزاب الطرفين يتوقف على المصلحة الذاتية ، و،سبل تامين العيش ، وليس للدواعي النضالية .


آفاق المستقبل بالعام الجديد


ولكن هل من حلول للأزمة المتفاقمة ، وما العمل ؟

عادة ماتظهر الحلول من خلال التراكمات الفكرية ، والذهنية ، في وقت يقصر او يطول ، ولو اعتبرنا أن انجاز حل الازمة هذه يحتاج الى اجتياز مرحلتين زمنيتين ، في الأولى تتم معرفة تفاصيل جوانب ماوصلت اليها الحالة ، وحسب ظني فان العام المنصرم قد شهد وضع الهياكل الحزبية تحت المجهر ، وهي عارية ، وبات الشعب على دراية كاملة بحقيقتها ، ودنوها من حافة الهاوية ، وسيشهد العام الجديد كما نأمل انجاز المرحلة الثانية ، في إعادة بناء الحركة الكردية السورية ، واستعادة شرعيتها ، وتحقيق المصارحة ،والمصالحة ، والاتحاد ، عبر توفير شروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ، هذا مايطمح اليه شعبنا بغالبيته الساحقة ، وماعلينا الا تحقيق ارادته بكل قوانا .


آمل ان يعلم الجميع باننا ( على الصعيد الشخصي أو في اطار حراك " بزاف " ) لم ولن نضيع – البوصلة – فعدو السوريين جميعا وبينه شعبنا الكردي كان ، ومازال نظام الاستبداد ، وكل من يحميه ، ويواليه ، ويسعى للتصالح معه من دون تحقيق اهداف الثورة السورية في التغيير الديموقراطي ، وانتزاع الحرية ، والكرامة ، وتوفير ضمانات حل القضية الكردية بالعدل ، وفي الوقت الذي نرى ان قضايانا الوطنية العامة ، والكردية الخاصة ، تحل داخل البلاد ، بمختلف السبل المتوفرة وفي المقدمة الحوار ، فاننا بالوقت ذاته على يقين بانها لن تحل نهائيا الا بالاجماع الوطني ، وكرديا لاسبيل الى حل القضية الكردية ، الا بالاجماع القومي ، وتوفير شروط إعادة بناء الحركة الكردية واستعادة شرعيتها ، عبر المؤتمر الجامع المنشود ، والتوافق الوطني .


ولذلك اقول لسنا بصدد ممارسة النقد فقط من اجل النقد ، او اعتبار من نوجه لهم النقد أعداء ، او ان صراعنا معهم تناحري ، بل بهدف تشخيص الخلل ، ثم معالجته ، وأرى من المفيد جدا ان ننتقل من مرحلة – نشر غسيل الأحزاب – الى أخرى تحمل المزيد من العمل ، والبناء ، والتحاور ، وان ننتقل بداية الى التركيز على المشتركات ، والتفاهمات الممكنة ، ثم نواصل السير الى تحديد مسار لحل كل القضايا بالتعاون في توفير شروط عقد المؤتمر المنشود ، وان نضع كل المساوئ ، والسلبيات خلفنا في سلة العام المنصرم ، ونجعل من العام الجديد باكورة عهد جديد ، تعترف الأحزاب بادئ ذي بدء بانحرافاتها الفكرية ، ونهجها المدمر ، وأخطائها السياسية ، والعودة الى شرعية الشعب ، ، ومن ثم عجزها حتى عن انجاز ماتنادي به ، والتسليم بان يكون المؤتمر الكردي السوري المنشود الفيصل في مستقبل الحركة الكردية ، وصياغة المشروع القومي ، والوطني ، وفاتحة خير وسلام ، ووئام .



٠ تعليق

Comentarios


bottom of page